القيامة تُلهمنا
وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ
وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ
الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لَكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ
كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ" (لو5:24-26)
وَتَعَيَّنَ
ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ:
يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا. (رومية4:1)
لِمَاذَا
يُعَدُّ عِنْدَكُمْ أَمْراً لاَ يُصَدَّقُ إِنْ أَقَامَ اللهُ أَمْوَاتاً؟ (أعمال
الرسل 8:26)
مقدمة
يصف لوقا الطبيب - وهو من
المدققين في بحثه لتوثيق قصة حياة يسوع - مشهد القيامة فيخبرنا في عجالة عدة نقاط
مهمة
-
أنه في
أول الأسبوع اليهودي أي الأحد بعد السبت المقدس
o
وفقاً
للناموس
o
هو أول
يوم عيد الفطير
o
هو سابق
لتقدمة الباكورة (باكورة حصاد الشعير)
-
أنه في
أول الفجر. ويصف يوحنا هذا التوقيت بأنه والظلام باقٍ يو1:20
-
مجموعة
من النسوة ذهبن للقبر لأداء بعض من إكرام الميت
o
هؤلاء كن
ضمن شهود العيان على الدفن (ص23)
o
لم
يمنعهن عن اداء إكرام الجسد إلا السبت
o
تحيرن
لما وجدن الحجر مدحرج عن القبر
o
دخلن
القبر ولم يجدن جسد الرب يسوع.
o
كانت
تبدو عليهن علامات الحيرة والخوف، فكن منكسات الوجه.
-
هناك ظهر
لهن رجلين (ملاكين) بثيابٍ برقاة وقالا لهن
o «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ
الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لَكِنَّهُ قَامَ!
هذا السؤال يمكن صياغته بطريقة
أخرى: لما لا تطلبن الحي بين الأحياء؟ ليس هو ههنا لكنه قام!
في الحقيقة كانت النسوة يطلبن
يسوع بين الأموات لأسباب منها:
-
لقد كُنّ
شاهدات على الصليب والموت والدفن
-
كان من
المنطقي أن يجدن يسوع المصلوب الميت والمدفون بين الأموات، فالقانون الطبيعي لا
يقبل غير ذلك
o
ابنة
يايرس «قَدْ مَاتَتِ ابْنَتُكَ. لاَ تُتْعِبِ الْمُعَلِّمَ». لو49:8
o
لعاز «يَا
سَيِّدُ قَدْ أَنْتَنَ لأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ». يو39:11
-
لم يكن
لديهن أي احتمالات أو توقعات حول القيامة
وهذا يعني ببساطة إنهن لم يكن لديهن
إعلان حقيقي كامل عن من هو يسوع؟ فيسوع بالنسبة لهن ولغيرهم من شهود عيان أحداث الصلب
والدفن - لم يكن أكثر من نبي أو معلم خدم بينهم عدة سنوات ولم يكن مقبول مثل باقي
أنبياء إسرائيل الذين سبق وأن تآمرت عليهم أورشليم وقتلتهم.
ولدينا ثلاث أفكار عن القيامة نعرضها
في هذا المقال:
الفكرة الأولى: القيامة هي الحدث الملهم لنا لكي نعرف من هو يسوع:
-
تكلم
يسوع عن نفسه باعتباره رئيس الحياة
o
قَالَ
لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ
مَاتَ فَسَيَحْيَا وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى
الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهَذَا؟» (يو25:11-26)
o
17
لِهَذَا يُحِبُّنِي الآبُ لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لِآخُذَهَا أَيْضاً. 18 لَيْسَ
أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ
أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً. هَذِهِ الْوَصِيَّةُ
قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي». (يو17:10-18)
-
شهد
الوحي عنه باعتباره مصدر الحياة
o
(John
1:4 [2SVD]) فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَاةُ
كَانَتْ نُورَ النَّاسِ
o
(Acts
2:24 [2SVD]) اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً
أَوْجَاعَ الْمَوْتِ إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِناً أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ.
-
تكلم
يسوع عن موته وقيامته
o
في بداية
خدمته بعد تطهير الهيكل: (John 2:19 [2SVD]) أَجَابَ يَسُوعُ: «انْقُضُوا هَذَا الْهَيْكَلَ وَفِي ثلاَثَةِ
أَيَّامٍ أُقِيمُهُ».
o
بعد إعلان
بطرس أنه المسيح أنه ابن الله "من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه، أنه
ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل،
وفي اليوم الثالث يقوم" (متى 16: 21)
o
بعد
معجزة التجلي
§
"فيما
هم نازلون من الجبل، أوصاهم يسوع قائلًا: لا تعلموا أحدًا بما رأيتم حتى يقوم ابن
الإنسان من الأموات" (مت 17: 19).
§ وبعد أن شفي المصروع ... قال لهم وهم يترددون في
الجليل: "إن ابن الإنسان يسلم إلي أيدي الناس، فيقتلونه، وفي اليوم الثالث
يقوم" (متى 17: 22، 23).
o
قبل
الصعود الاخير لأورشليم أخذ تلاميذه علي انفراد وقال لهم: "ها نحن صاعدون إلي
أورشليم، وابن الإنسان يسلم إلي رؤساء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت،
ويسلمونه إلي الأمم لكي يهزأوا به ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم"
(متى 20: 18، 19)، (لو 9: 31-33).
الحقيقة أن الاعتراف بيسوع بدون هذا الإعلان هو مشكلة كل الأجيال، فلا يزال العالم يقبل يسوع المعلم الصالح
والنبي المرسل من الله، والذي أيده الله بمعجزات وآيات عظيمة، ولكن شعبه رفضه
وتآمر عليه الرؤساء وقتلوه ظلماً وحسداً.
بيد أن الملاك أراد أن يسلط الضوء
على إعلان عن يسوع من نوع مختلف فقال عنه "الحي" وأنه يجدر بنا أن نبحث
عنه بين الأحياء. لقد عكف العالم على أن يبحثوا عن يسوع بين الأموات:
-
بحثت عنه
أمه مع يوسف وهو بعد صبي بين الرفقة والأقرباء والمعارف وبعد 3 أيام وجداه في
الهيكل، وقال لهم: «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ
يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟» (لو49:2). ولم يفهما ما كلمهما به، فقد تجاهلا
إعلان الملاك لهما عن من يكون يسوع، وعن كونه ابن العلي يُدعى، وتمسكا فقط بكونه
إبنهما.
-
بحثت عنه
الجموع كالمشبع لجوعهم (من أجل لقمة العيش)
-
وسعت
الجموع وراؤه توقعاً لشفاء أجسادهم ومرضاهم
-
والبعض
انتظر من ورائه مركز أو سلطة سياسية واجتماعية
لقد كان الجميع يبحثون عن يسوع
بين الأموات، ويحصرون معرفتهم به في تلك الحدود التي تنتهي به وبهم في القبر بين
الأموات.
تتوقع القيامة منا أن نُعيد النظر
في من هو يسوع، ونُفتش عنه بين الأحياء، بين الأمور الباقية وليست البائدة. ويوضح
الكتاب أن كلمة الرب هي حية
-
لقد قبل
موسى أقوالاً حية: (Acts 7:38 [2SVD]) هَذَا
هُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ الْمَلاَكِ الَّذِي
كَانَ يُكَلِّمُهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ وَمَعَ آبَائِنَا. الَّذِي قَبِلَ
أَقْوَالاً حَيَّةً لِيُعْطِيَنَا إِيَّاهَا.
- ونحن
نولد من كلمة الله الحية: (1Pet 1:23 [2SVD]) مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا
لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ.
-
وتبقي
الكلمة شاهداً حياً على حياتنا: (Heb 4:12 [2SVD]) لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ
سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ
وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ.
تدعونا القيامة لأن نجد يسوع
ونعرفه وقوة قيامته، فلا نعود نحصره في تلك الخبرات الميته، وعندها سنراه ممجداً،
مصدر للخلاص ومصدر للتعزية والمعونة
الفكرة الثانية: القيامة هي ختم الله على صدق من الرب يسوع
-
تحدثت
النبوات عن ميلاد ربنا باعتباره المخلص
-
وجاءت
بشارة الملاك للعذراء مريم وليوسف عن يسوع الذي يخلص شعبه من خطاياهم
-
وكانت
ترنيمة الملائكة للرعاة أنه ولد لكم مخلص هو المسيح الرب
-
وكانت كل
الذبائح تُشير إلى ذلك الذي تحدث عنه المعمدان باعتباره حمل الله الذي يرفع خطية
العالم
-
وتحدث
يسوع باعتباره معادلاً لله (في شخصه، وفي عمله، وفي غفران الخطايا، والدينونة،
والاكرام)
-
وكانت كل
أعماله تُعلن سلطانه على الطبيعة والمادة والزمن والمسافة، وشفاء الأمراض وغفران
الخطايا.
-
وكما
رأينا تحدث الرب عن كونه سيموت ويدفن ويقوم في اليوم الثالث
ثمة ملاحظتين هنا، الأولى أن الأب
تدخل أكثر من مرة ليُعلن أنه هذا هو الابن الحبيب. والثانية هي أن الصليب كان
موضوع الكفارة والفداء والمصالحة وأساس التبني وغيرها من بركات الخلاص المسيحي، ونحن
نثق أن الله قبل فوراً ذبيحة ابنه لأنها كانت كافية ووافية لسداد والوفاء بدين
خطية العالم كله، وإلى هذه النقطة يكون هناك فرصة لغفران خطايا كل من يؤمن به، وأن
تكون له الحياة الأبدية. ولكن القيامة هي مصادقة الله على كل ذلك، فالقيامة هي
الحدث المادي الذي أعلن به الله أنه قبل ذبيحة ابنه وأنه ختم بصدق كل أقواله وما
صرح به. لذلك يكتب بولس أن الرب يسوع تعين (تبرهن) ابن الله الحي، وأن ما قاله عن
نفسه حقيقي وصحيح وموثوق فيه، بقوة القيامة. ومن ذلك
-
فالقيامة
تُعلن أن لنا مخلص وهو صادق وقد أنجز مهمة خلاصنا
-
والقيامة
تؤكد أن مخلصنا حي:
o
يمنح
الحياة لكل من يؤمن به
o
يخدم
كرئيس كهنة أمام الله لأجل جميع المفديين
-
والقيامة
تؤكد رجاؤنا في قيامتنا ثانيةً
إلى هنا يمكنك صديقي ملاحظة:
-
أن
القيامة تُلهمنا أن نعرف الرب ونجده بين الأحياء وأن نكف عن تلك المعرفة التي
تنتهي بالموت
-
أن
القيامة هي مصادقة الله وختمه النهائي على أن ابن الله قد أنجز لنا الخلاص،
والايمان به يمنحنا الحياة وأنه باعتباره المخلص الحي يشفع فينا، إلى اليوم الذي
يأتي لاختطافنا، حيث يقوم الراقدين على رجاء القيامة معه.
الفكرة الثالثة: هذه الفكرة تُخاطب كل متشكك في قيامة ربنا يسوع المسيح
وهناك الكثير من الأدلة القادرة
على دحض أفكار المتشككين، ولكن هنا لا نُشير إلا إلى قوة الله وأنه قادر على إقامة
الموتى، ونتكل على تأثير الروح القدس
لذلك
أدعوك أخي: وبغض النظر عما يحدث حولك اليوم، اختر أن تستريح في سيادة وقدرة الله، حتى
لو كل العالم اختار القلق والشك.
فلا شيء مستحيل على الله.
أخي الكريم:
1-
القيامة
تُلهمنا بأن نجد ونعرف من هو يسوع المسيح ابن الله الحي
2- القيامة هي ختم الله على ما عرفناه عن من هو يسوع
المسيح
3-
والقيامة
هي إظهار قدرة الله وضمانته لأجل قيامتنا يوماً ما