الأحد، 19 فبراير 2017

معاملات الله في العهد القديم والعهد الجديد

معاملات الله
الأسئلة:
لماذا القتل والعنف في العهد القديم دون العهد الجديد؟
هل إله العهد القديم هو نفسه إله العهد الجديد؟
إذا كان نفس الإله فلماذا تغيرت إتجاهاته فى التعامل مع البشر؟
هل كان الله في العهد القديم يميز في التعامل بين الشعوب؟
لماذا يظهر في أسفار العهد القديم إله الإسرائيليين فقط وفي العهد الجديد إله كل الشعوب؟
في العهد القديم؛ هل كان الله يقبل فقط شعب إسرائيل مميزاً لهم دون باقي الشعوب (مثلاً يحارب عنهم وينقذهم ويعتنى بهم )؟
ما هو سر أن للرب حرب مع عماليق من دور إلى دور أي من جيل إلى جيل؟
كيف يمكن قبول أن الله يأمر موسى (عدد31 ) ويشوع (يش 6، 8، 10 ) وشاول الملك (1صم 15) بقتل وذبح وهلاك شعوب وطردها من أرضها ليحل محلها شعب إسرائيل؟
الإجابة
للإجابة على كل هذه الاسئلة ومشتقاتها وما يشابهها باختلاف الصياغة والنصوص الكتابية دعنا نتعرف على الخطوط العريضة في تعاملات الله مع الإنسان بصفة العموم، ومنها إلى الفرعيات في التعامل مع الشعوب بصفة الخصوص:
نقرأ في سفر التكوين (تك 1، 2) عن خلق الله لآدم وحواء وكيف كانت محبته لهم واعتزازه بالعلاقة معهم حتى بعد السقوط (تك3) ولأنه الخالق فهو يطلب الخضوع من كل خلائقه. دعنى نرى ذلك في تسلسل التاريخ البشري:
1.  طلب الله الخضوع أولاً من آدم في جنة عدن – وكان آدم وقتها في حالة البراءة التى لم تُختبر أو القداسة التي لم تجتاز الإختبار .
a.    عندما اجتاز اختبار الطاعة والخضوع لله في وصية واحدة فشل في إظهار ما يطلبه الله.
b.  أظهر الله لآدم رحمة ونعمه: إذ صنع له أقمصة من جلد، وتم تأجيل حكم الموت الحرفي. غير أن أدم انفصل روحياً عن الله ودب فيه الموت.
c.     أعطى الله لآدم وحواء وعد بنسل يأتى منه المخلص الذى يسحق رأس الحية (ذلك إشارة إلى يسوع المسيح)  
2.  استمر الله في التعامل مع البشر واضعاً معرفته في ضمائرهم وذلك بدأً من قايين فنحن نرى كيف أن ضميره كان يشتكى عليه وجعله هارب وخائف نتيجه قتله لأخيه
a.  وفشل الإنسان في إطاعة الله، وزاد شر الإنسان جداً حتى وصل الشر حده الأقصى فقرر الله أن يمحو الإنسان من وجه الأرض بالطوفان.
b.    أظهر الله نعمته في إيجاد نوح الذي كرز بالتوبة والرجوع 120 سنة تقريباً، إعطاء وعد لنوح ونسله وكل الأرض بعدم إهلاك الناس مرة أخرى بالطوفان بهذه الطريقة
3.  استمر الله في التعامل مع الإنسان بدءاً من نوح من خلال قوانين وضعها لتقوم بتنفيذها الحكومات البشرية إذ بدأت المدنية والحياة ومن أبناءه ( سام وحام ويافث ) تكونت كل الشعوب.
a.  بدأ حام إبن نوح ( بعد دراسة أقول إنه كنعان ابن حام وليس حام نفسه) بالشر مباشرةً بعد الخروج من الفلك إذا نظر إلى عورة أبيه وهو نائم ( وهذه النظرة لم تكن عابرة أو بدون قصد- لكن الكلمة المستخدمة تُعبر عن النظر بغرض الإشباع الجنسى في نجاسة)
b.  كذلك بدلاً من إطاعة الرب فيما يتعلق بالإثمار والإكثار وملئ الأرض؛ أظهر الإنسان كبرياء قلب وعناد فبدأوا في بناء برج لتخليد أسماؤهم عبر التاريخ.
c.     استمر نسل كنعان في شرورهم حتى صعدت شرورهم إلى عنان السماء.
d.    أظهر الله نعمته للإنسان برغم شره وعناد قلبه من خلال:
1-  اختار الله إبراهيم ليكون منه شعباً خاصاً يُظهر من خلاله نعمته وصفاته ويكون بركة لكل الشعوب ( اباركك واجعلك بركة ويتبارك فيك كل قبائل الأرض) وكان العهد يشمل وعد بالأرض والنسل
2-  أطال الله آناته على شرور كنعان كثيرًا كثيرًا ولمئات السنين، وقد أخبر الله إبراهيم بأن نسله (من اسحق الذى ولد يعقوب أبو الأسباط) سيتغرب لمدة أربعمائة عام.. لماذا؟ " لأن ذنب الأموريين ليس إلى الآن كاملًا" (تك 15: 16)
ملاحظة هامة جداً :
حتى هذه النقطة من سرد التاريخ يقدم لنا الكتاب المقدس أحداث تخص كل الشعوب. وولكن من هذه النقطة سيبدأ الكتاب يخصص الحديث عن علاقة الله بالإنسان من خلال إبراهيم الذى اختاره الله ليبدأ معه حقبة جديدة من التعامل. ذلك لأن الكتاب المقدس ليس سجلاً تاريخياً للشعوب بل هو إعلان الله عن نفسه. فالغرض الرئيسى لله هو أن يكون معروفاً لدى الناس.
4.  استمر الله في التعامل من الإنسان من خلال الوعد أو العهد الذى قطعه لإبراهيم ولنسله الذي اختار منه يعقوب وغير إسمه إلى اسرائيل وجاء من نسله ال 12 سبط المعروفين بشعب إسرائيل. وانتقل يعقوب وعائلته ( 75 فرد ) إلى مصر أيام المجاعة التى استخدم فيها الله يوسف لينقذ شعب مصر ( ألا نرى أن هذه أعمال عناية بشعب مصر؟)
في أرض مصر وبعد موت يوسف وفرعون الذي كان يعرف يوسف، تم إذلال هذا الشعب إذ كان عددهم بلغ ( 650 ألف تقريباً ) لمدة 430 سنة
a.  أظهر الله نعمته : فأرسل موسى لينقذ الشعب من العبودية، وأعطى الشعب الناموس الذى من خلاله يُظهر قداسته ويعطيهم التميز من خلال إطاعة الناموس.
ملاحظات هامة :
1- أراد الله للبشر الإستمرار في علاقة طيبة معه من خلال إظهار الخضوع والطاعة لوصاياه – هذا ظهر بشكل تدريجى كما رأينا – وصية واحدة لآدم ثم ناموس مكتوب على الضمير – ثم أوامر محددة لنوح – وأمر بالخروج والطاعة مقابل البركة لإبراهيم – ناموس كامل ووصايا مفصلة لموسى .
2-  غرض الله الدائم هو إعلانه عن نفسه ورغبة في علاقة مع الإنسان
3- على الرغم من أن الكتاب المقدس في أسفار العهد القديم يقدم تفصيلاً واضحاً لمعاملات الله مع شعب إسرائيل لكن هذا لا يعتبر تمييزاً لهم فهم مجرد عينة من الشعوب.
a.    فكان من الممكن اختيار غيرهم وكنا سنسأل هل تمييزاً لهم أم لا .
b.    في نفس الوقت كان يهتم بباقى الشعوب فعلى سبيل المثال:
1-  أرسل الله يونان ليحذر أهل نينوى
2-  كانت نبوة ناحوم ورسالته بالكامل أيضاً لأهل نينوى
3-  يتحدث إشعياء برسالة خاصة إلى موآب ، مصر ،
4- المفاجأة أن الله أنقذ شعوب أخرى من العبودية مثلما فعل مع شعب اسرائيل نقرأ في عاموس 9: 7 «أَلَسْتُمْ لِي كَبَنِي الْكُوشِيِّينَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَلَمْ أُصْعِدْ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَالْفِلِسْطِينِيِّينَ مِنْ كَفْتُورَ، وَالأَرَامِيِّينَ مِنْ قِيرٍ؟. لاحظ الله يساوى بين الكوشيين وبنى اسرائيل ثم يوضح أنه أنقذ الفلسطينيين من كفتور وحرر الاراميين من قير. ثم نقرأ في (إش 19 : 25) بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ». لاحظ الله يدعو شعب مصر بياء الملكية ثم بلغة شعرية راقية يميز أشور بأنه عمل يديه ويضع معهم إسرائيل ضمن المقارنة.
4- وبينما يُعلن الكتاب المقدس قضاء الله على الشعوب الآخرى كان وكثيراً وبكثافة يُعلن غضبه ويقيم دينونته على شعب اسرائيل. مثلاً :
a.    عندما عبدوا العجل أثناء كان موسى فوق الجبل
b.    استخدم الله الشعوب الاخرى لتأديب اسرائيل عدة مرات نقرأها فى سفر القضاة
c.  1صم 4 بسبب خطايا أبناء عالى الكاهن وبسبب عبادة الأوثان وانتشار الزنى، قتل الفلسطينيين من شعب اسرائيل 4000 شخص وفى اليوم التالى قتلوا 30000 شخص
d.     استخدم الله الشعب الأشورى لسبى المملكة الشملية ثم البابلى لسبى المملكة الجنوبية
من ذلك نستنتج الاتى
1- في العهد القديم أظهر الله رحمة لشعبه ولجميع الشعوب لأن الجميع هم خليقته (أع 17 : 26) وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ.
2- يبدو شعب إسرائيل متميزاً نظراً لأن الكتاب يخصهم بالحديث عن معاملات الله كنموذج كان يريد الله من خلاله أن يكون معروفاً
3-  إعلان رحمة الله وعنايته غير محدودة وأبدية فهو طويل الروح كثير الرحمة
4- يُظهر الله غضبه ويأتى بالدينونة بعد طول أناة مثلاً 120 سنة إنذار قبل الطوفان، 650 سنة قبل إهلاك شعوب كنعان.
5-  غضب الله محدود وليس أبدى ( ظهر بوضوح على 7 شعوب فقط وفى زمن يشوع فقط)
6- العنف فى العهد القديم ليس لسبب نشر رسالة أو ديانة لكنه تنفيذ حكم قضائى من الله العادل. مع اعتبار أن لله الحق في اختيار الوقت والوسيلة المناسبة لعقاب شعب أو فرد
7-  إن محبة الله ورحمته، لا تتعارض مع عدله وقداسته فهو يُظهر المحبة الأبدية ويقضى على الشر
8-  الله يهتم بكل البشر ولأجل رعايتهم فهو يستأصل منهم ما يكون قد فسد تماماً
والآن ماذا عن العهد الجديد:
جاء يسوع ليعلن أيضاً عن الله (يو1) يقول الله لم يره أحد قط الابن الوحيد هو فى حضن الاب هو خبر أى أعلن ، وما فشل فيه اليهود نجح فيه يسوع
جاء يسوع ليعلن تدبير الله لأجل خلاص الإنسان ، وأيضاً ليعلن قضاء الله على من لا يؤمن من يؤمن لا يدن ومن لايؤمن فقد دين
أى أن مجئ المسيح لم يكن ليقدم إله مختلف أو تغيرت صفاته، فقد أعلن الحب والرحمة ولكن في الصليب أيضاً ظهر قضاء الله
فارق مهم: في القديم أرسل الله سيف يشوع (مثلاُ ) كدينونة على الشعوب الخاطئة، وفي الجلجثة أرسل الله سيف عدله ودينونته للخطية على يسوع ابن محبته الذى صار خطية لأجلنا وهو الذي لم يعرف خطية .
والآن لا يتعامل الله مع الإنسان من منطلق الوصية (آدم ) ولا الضمير (قايين) ولا الحكومات البشرية (نوح) ولا الوعد (إبراهيم ) ولا الناموس (موسى واسرائيل) وإنما بمقتضى النعمة ( من خلال يسوع المسيح).
ولذلك نقول إننا فى عهد النعمة والتى قال عنها يسوع إنها سنة الرب المقبولة.
أما عن الدينونة فهى مرتبطة بشخص الله هو يقررها نوعاً وزمناً وكماً إما الآن أو في الأبدية
الفارق إننا من خلال أحداث الكتاب كنا نستطيع أن نميز أن هذه دينونة الله، لأن الله أعلن ذلك؛ أما اليوم فلا نستطيع أن نقول عن حدث معين مرتبط بشعب أو بفرد أنه دينونة أو عقاب من الله فلا أحد يملك هذا السلطان.



ملخص تعاملات االله مع البشر حتى الآن




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق