الجمعة، 9 يونيو 2017

خربر - 8

الرسالة الثامنة

عزيزي علقم..

- اذا كان لديك (آمال كبار بأن الطور الديني عند مريضك يتلاشى) فيا لك من أحمق!!! ألم يعلمك أحد (قانون التموج) ؟!!

- إن الآدميون كائنات (نصف روح ونصف حيوانات) فمن حيث كونهم أرواح هم ينتمون إلى العالم الأبدي ولكنهم من حيث كونهم حيوانات يقيمون في الزمن.. ومعنى هذا إنه بينما يمكن توجيه أرواحههم نحو غرض أبدي تبقى أجسادهم وأهواؤهم وتصوراتهم عرضة للتغير المستمر..

وبالتالي فإن أقرب سبيل لديهم إلى الثبات هو التموج (الرجوع المتكرر إلى مستوى السقوط في سلسلة من القمم والقيعان) وهذا يحدث في كل دوائر حياة الإنسان: العمل , الأصدقاء , الشهوات الطبيعية.. كلها تعلو وتهبط وبالتالي فإن حالة الجفاف الروحي ليست كما تفترض من صنيعك الرائع ولن تنفعنا إلا إذا استغللتها أحسن استغلال..

-كي تقرر إي استغلال هو الأفضل ينبغي أن تسأل أي استعمال يريد الله أن يستعملها ثم تعمل العكس.. وقد يفاجئك أن تعلم أن الله أثناء سعيه لامتلاك النفس بشكل دائم يعتمد على القيعان أكثر من القمم.. فالله حقا يريد بالفعل ان يملأ الكون بكثير من الصور الصغيرة المطابقة لذاته: مخلوقات تكون حياتهم مثل حياته في نوعيتها ليس لأنه امتص ارادتهم داخله (مثلما نفعل نحن) ولكن لأن إرادتهم توافق إرادته طوعيا.. نحن نريد قطيع يمكن أن يصير في النهاية طعاما أما هو فيريد خداما يصيرون في النهاية أبناء.. نحن نريد أن نمتص إلى داخلنا وأما هو فيريد أن يتدفق ويعطي للخارج.. نحن فارغون ونرغب في الامتلاء أما هو فملآن وفياض.. غرض الحرب لدينا هو الوصول إلى عالم فيه يجذب إبليس جميع الكائنات الأخرى داخله.. أما الله فيريد عالما ملان بكائنات اتحدت بذاته لكنها ظلت مختلفة ومتميزة..

وهنا ياتي دور القيعان.. فهو يزودهم عند بداية الرحلة بإشارات إلى حضوره تبدو عظيمة في نظرهم يصحبها انتصار سهل على التجربة ولكن لا يسمح باستمرار الحال هكذا فهو يختفي عاجلا أو آجلا ليس كليا ولكن على الأقل من دائرة اختبارهم الواعي المباشر.. إنه يترك الانسان يقف على رجليه كي يؤدي بدافع الإرادة وحدها واجبات فقدت كل شكل جميل أو متعة.. ففي أثناء أوقات القيعان أكثر من القمم ينمو الإنسان ليصير مخلوقا من ذلك النوع الذي يريده الله وبذلك فإن الصلوات المرفوعة في هذا الوقت تسره أفضل سرور.. إنه يريد لهم أن يتعلموا المشي لذلك يسحب يده فمجرد الرغبة في المشي تسره حتى لو لم ينجحوا في ذلك..

لا تنخدع فالخطر الحقيقي يكون حين ينظر الإنسان حوله إلى عالم يبدو كأنه قد اختفى منه كل أثر من آثار الله ويتساءل عن سبب التخلي عنه ومع ذلك يثابر على الطاعة..
عمك المحب

خربر



الرسائل السابقة







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق